التخطي إلى المحتوى الرئيسي

"حلم حمص كابوس يهدد طموحات فلاحي قرى الوادي"


 أُعيد طرح مشروع "حلم حمص" كخطة طموحة تهدف لتحويل المدينة إلى مركز حضاري شامل يغطي كافة القطاعات، من عمران وخدمات واقتصاد وبيئة، مما جعله يلامس آمال وطموحات سكان المدينة. وعلى الرغم من أن الحلم كان يبدو في البداية جميلاً ولا يعتمد على التمويل أو التشريعات فقط، إلا أن تنفيذه في الواقع حمل معه تحديات لفئات معينة، ومنهم الفلاحون الذين يعتمدون على برادات تخزين التفاح كمصدر رئيسي للعيش.


قرى منطقة الوادي، مثل حارة محفوض- حارة بيت جرجس- ماردوميط- المقابرات- دورين- مفلس- المزرعة- كفرام- رباح- جن كمره- حاصور- الكيمه... وغيرها، صُنّفت ضمن هذا المشروع كمناطق سياحية، وهو ما استبشر به الأهالي. لكن في التفاصيل، جاء قرار من المحافظة بإغلاق البرادات الموجودة في تلك القرى، باعتبارها مهنًا "مقلقة للراحة ومضرة بالبيئة"، مع توجيه هذه البرادات إلى المدينة الصناعية بحسياء. وتم إلزام أصحاب البرادات بدفع تأمين بقيمة 100 ألف ليرة سورية لنقلها خلال أسبوع، وذلك بموجب تعميمات صادرة في يونيو 2010، تلاها تعميم آخر لتنفيذ القرار في أكتوبر من نفس العام، مع تهديد بالإغلاق الفوري لمن يتخلف عن الدفع.


ومع ذلك، اشتكى أصحاب البرادات من عدم مراعاة ظروفهم في هذه القرارات، حيث تعتمد 90% من القرى على الزراعة، وتعد البرادات العمود الفقري لمعيشتهم. هذه البرادات التي توصف بأنها "مقلقة للراحة" تقع في بساتين بعيدة عن الأحياء السكنية، ولا تسبب إزعاجاً أو ضرراً بيئياً نظراً لاعتمادها على الكهرباء وضواغط حديثة. كما أنها تُستخدم فقط خلال موسم التفاح، بين سبتمبر ومارس، مما يعني أنها لا تعمل في المواسم السياحية.


أصحاب البرادات أكدوا أن هذه المنشآت هي ضرورة وليس خيارًا، إذ يعمل فيها الفلاحون وأسرهم، وتخدمهم بالقرب من محاصيلهم. كما أشاروا إلى التكاليف الباهظة لإنشائها، حيث أن بناء البراد الواحد يتطلب استثمارات تصل إلى مليون ونصف المليون ليرة سورية، معتمدين في جزء منها على قروض حكومية.


ما يثير استغراب المتضررين هو أن مناطق سياحية مشابهة مثل الزبداني وبلودان وغيرها، لم تُعامل بالمثل، حيث لا تزال البرادات فيها قائمة وتخدم الفلاحين دون أن تُعيق السياحة. في السابق، كانت المؤسسات الحكومية تستلم إنتاج التفاح من المزارعين، لكن بعد تخليها عنهم، اضطر الفلاحون لبناء هذه البرادات لحفظ محاصيلهم وتسويقها.


اليوم، يتساءل الفلاحون إذا كانت محافظة حمص ستتركهم يواجهون مصيرهم مرة أخرى، بعد أن كانوا قد استثمروا في مشاريع حياتهم، ليجدوا أنفسهم أمام خطر خسارة مصدر رزقهم في سبيل تحقيق مشروع الحلم الكبير للمدينة.

علي فجر المحمد - جريدة بقعة ضوء

تعليقات