التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الثأر في عرف عشائر سوريا

مازلت في مشفى الطب الحديث الرقة والقصص التي آراها في المشفى لا تنتهي مجتمع مصغر بكافة همومه وآلامه وآماله، ناس من كل الطبقات والشرائح، كسرهم المرض وقضم ابتسامتهم ووقفوا مذهولين لهشاشة جسد الإنسان متباكين داعين الله ان يخلصهم بأقل الأضرار من هذا الكرب العظيم.
جاء الإسعاف رجل مضرج بدمائه ادخل غرفة العمليات على الفور وكان يرافقه اكثر من 50 رجل و امرآة يتباكى البعض والبعض يزبد ويرغد ويهدد، دخل الرجل غرفة العمليات وبعد نصف ساعة خرج الطبيب وأعلن وفاته، هنا بدأ الصراخ والعويل وتعالت الصيحات في المشفى، سألت احدى الممرضات قالت يبدو انها حالة ثأر اودت بحياة الرجل بعد عشر سنوات، لم يقف الأمر هنا حتى سارع عدد من الشباب المرافق للقتيل خارج المشفى يطلبون الثأر وتبعهم عدد من الرجال وسط صراخ النساء المفجوعات بالقتيل والخائفات على ابنائهن وفورة غضبهم.

مشهد مروع حقيقة صباح يوم الجمعة، الثأر لا ينتهي لدى المجتمعات المغلقة وخاصة العشائر في الرقة ودير الزور والحسكة وعموم عشائر سوريا، ويشتهر مثل ( البدوي أخذ ثاره بعد اربعين سنة، وقال بكير) وهذا المثل كنانة على ان الثأر لا يموت وتتناقله أجيال بعد أخرى، وهي من أكثر العادات السيئة لدى العشائر التي مازالت موجودة رغم كل مانمر به من شرور وحروب وقتل وتصفية.
عادة الثأر هذه مكرسة وتتوارثها الأجيال سلوكيا وغرائزيا منذ الجاهلية لم يردعها دين ولا حداثة وتطور المجتمع لنجد ربما خريج جامعي يطالب بثأر عمره سنين.
والطامة الكبرى ان في كثير من الأحيان يتم الثأر ليس من القاتل بل من وجه بارز في عائلة القتيل وعشيرته. ليذهب ضحاية لا ناقة لهم ولا جمل في معركة ثأر ربما تمد لسنوات تحصد من الطرفين. 

تعليقات