التخطي إلى المحتوى الرئيسي

إلى صديقتي م.ن

 



إلى صديقتي م.ن اقول صديقتي ولا أدري هل التوصيف بمكانه فنحن لسنا على تواصل منذ منتصف سنة 2012 سنوات طويلة مرت اعرف اخبارك من مواقع التواصل الاجتماعي واعرف انك تتابعين أخباري أيضاً هنا في المدونة التي شاركتي ببعض موادها بداية تأسيسها.
كنتي حبيبتي واكذب على نفسي ان قلت لم تعودي كذلك، رغم كل ما مر عليّ خلال ثماني سنوات.
 كيف يدخل الحب قلب عاشق ويخرج منه ببساطة، لا تصدقي هذا.
من يصعد درج الحب خطوة خطوة يستحيل عليه العودة إلا بسقوط مدوي شديد يكون وقعه وآلامهُ بقدر درجات الحب التي صعدها.
منذ صغري وأنا أعاني من فوبيا المرتفعات، ويخّيل لي وانا في القمة ان هناك شخصاً سيدفعني لحتفي،وحبك كان أشد الارتفاعات التي سقطتُ منها ومازال ارتداد ذلك السقوط على حياتي إلى اليوم.
كان الزمن كفيلاً بمعالجة خيبة السقوط تلك واظنك تعرفين لماذا لأني ؟
شعرت بمرارة فقدان أشخاص كثر كانوا جزء من حياتي، فقدتهم نهائياً بينما كنتُ أشعر بانفاسك رغم كل المسافة التي بيننا.
مفترق الطرق الذي وصلنا إليه يوماً ما، لا يمكنُ ان نعود بعده كما كنا قبله.
وجودك بعد ذلك اليوم في قلبي كان بغير اختياري وحده الموت طريق الخلاص منه.
بعد غيابك ونزعتي بالبقاء لايماني بفكرة، بوطن، بثورة، وانا أعلم بتعاسة حاضري ومستقبلي كما قلتي لي قبل الفراق الطويل يومها كان الموت ليس فكرة مخيفة بقدر ما كانت الحياة عليه.
تصالحت مع نفسي ورضيت بقدري، تأقلمت مع حياة ليست كالحياة لأن فراقكِ كان مراً بحيث لم أعد اشعر بمرارة شيء.
وان كان فراق بعض الأحبة الذين فارقوا الدنيا أشد مرارة من فراقنا.
تعرفي لم يكن قلبي وحده معلقاً بكِ، كان كل شيء فيّ معلقاً بكِ، روحي قلبي عيني أذني وحتى قلمي الذي يملي عليّ ان اخرج مادفنته طوال سنين ليقرأه الناس.
ربما الحبل الذي ربطنا به نفسينا هناك في حمص وقلنا هذا حبل يمتد من كل خلية بجسدك لجسدي ولا يقطعه إلا الموت مازال يربطنا، أعرف أني قطعته ولا أكتب لأني نادم، لا بل وقع ذلك الحب في قلبي تجدد عندما سمعت انك عدتِ لحمص المدينة التي عشقناها بقدر عشقنا لبعض وفرقتنا ، انتِ عدت وانا الله اعلم إن كنتُ سأعود لها يوماً ما.
كنت اتوهم ان بعدكِ عني سينسيني وكنت استحضر المثل القائل البعيد عن العين بعيد عن القلب لكن لم أستطع نعم اعترف كانت صورتك في قلبي وفي عيني كأنها المرة الأولى التي نلتقي بها.
بالأمس عندما ذكر لي أحدهم انكِ وصلتي لحمص كان كمن القى صخرة كبيرة على صدري وما تلك الصخرة إلا ذكريات الماضي الجميل وسنين الفراق الطويلة.
تعلمي لطالما حاولتُ عبثاً تجنب تلك الذكريات والتوقف عن التفكير فيكِ اعترف اني نجحت مرات كثيرة لمرارة ما ممرت به من احداث وليس نسياناً من ترف وراحة بال، اسمك كان تذكرة الأسى لقلبي عندما اسمع من يردده فاحاول الهرب من وقعه على أذني.
تذكرين الشجرتين المتعانقتين المنقوش عليهما اسمينا في حديقة الوعر والكرسي الخشبي هل زرتي ذلك المقعد، اعتقد فعلتِ هذا إن بقي شجر ومقعد، ان لم تقتلهما سنوات الحرب كما قتلت لقائنا. 
قتلتوا لقائنا عندما شاءت أوراقنا أن تتعانق كما تتعانق الشجرتين، وعندما بدأنا نضرب جذورنا في حمص معلنين قصة حبنا للناس قطعوها كما قطعوا المدينة واهلها.
لا استطيع تفسير ما حدث بيننا، لم تكن خطيئتي كما تحمليني، ربما هي عقوبة لأني احببت الثورة أكثر منكِ فاستحقيت الشتات والتيه ثماني سنوات،لكن تتحملين جزء كبير من ذلك الفراق ولا اعلم درجة العقوبة التي مررتِ بها، وان كانت عقوبة الفراق وحدها أشد من كل عقوبة.
هل صرنا كأثنين جمع بينهما الحب يوماً ثم رحل، ربما لكن صورتك في قلبي جميلة كما كانت، وإن حملتكِ جزء من الفراق الذي حصل بيننا حتى نكون في الخطأ سواء فلا يبقى للملامة مبرر.
انتِ تستحقين السعادة، السعادة التي كنت اتقفى أسبابها لأبذلها لكِ، واليوم اتمنى واعمل واسعى ان استطعت لتحصلي عليها بغيابي وليس بحضوري في حياتك.

تعليقات