التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الضفة الأخرى


 

أتردد كثيراً في الآونة الأخيرة إلى شاطئ الفرات للتأمل والتنفس .

والتنفس اليوم هو الحرية الوحيدة التي لا ينازعنا عليها سلطان ولا جندي ولا حاكم ولا سلطة مسلحة.
لم يعد في البلاد من حرية تشبع رغباتنا إلا التنفس بعمق وإخراج زفير طويل من البؤس والهم ومشاهد القتل والدمار وسطوة الفصائل المسلحة ونشيج أم وأب على عائلة تحت ركام أطماع ثلة من تجار الدم تبيع هنا وتشتري هناك.
احتاج لكثير من الشهيق المحمل بأريج عطر الفرات وشجيرات الصفصاف والكينا وضباب كانون الأول وبرده اللاذع لأغسل رئتي.
حاولت منذ شهور البحث عن حياة أكثر هدوءاً لكن لم افلح في ذلك وخاصة أنني أعيش في بيئة توحش وفوضى لا يمكنك أن تستمتع وتنتشي بقراءة كتاب او متابعة فلم سينمائي او ممارسة رياضة أو ركوب دراجة هوائية .
لن تستمتع بشيء وأنت في وسط دوامة من الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية والمؤثرات الحقيقية في مسارات حياتنا هي عوامل خارج سيطرتنا وقدراتنا نتأثر بها ولا نستطيع التأثير فيها.
يخيل لي وأنا أقف على ضفة الفرات السباحة للضفة الأخرى،أعتقد ان باستطاعتي الوصول إن لم تخني قواي،وكانت قوة النهر اكبر مني فاضطر للعودة.
أو ربما أغرق في النهر فلا أستطيع الوصول ولا العودة.
أو أن أصل للضفة الأخرى لكن لمكان آخر غير الذي كنت أنوي الوصول إليه.
تقريباً هذا ما حدث لنا منذ انطلاق الثورة بعضنا خارت قواه ولم يستطع المضي فاختار العودة.
وبعضنا اغرقته الحياة في بحرها المتلاطم .
والبعض الآخر وصل للضفة الأخرى منذ زمن لكن للاسف ليس للمكان الذي كنا ننوي الوصول إليه.

تعليقات