يوميات العزل والحجر المنزلي
اليوم السابع
الأحد 29 مارس آذار 2020
على الطريق الواصل بين البلدة التي ابتاع منها حاجياتي
والقرية التي أسكن بها، رأيت مشهداً غريباً، مشهد رأيته في نشرات الأخبار،وتكرر في
كل دول العالم بداية من مدينة وهان الصينية ووصولاً لمطار دمشق الدولي الذي تأخر
بفحص القادمين حتى تناقل رواد مواقع التواصل الاجتماعي نكتة لطريقة الفحص.
معك كورونا يا حبيب
لا ما معي
أي شو جايبنا معك..
لأول مرة أرى رجال بخوذ بيضاء ولباس أبيض شفاف وكمامات
طبية، أوقفني الحاجز العسكري ومن مسافة متر ونصف تقريباً وجه أحدهم لرأسي مسدس
صغير لقياس درجة حرارتي، يبدو كل شيء لدي طبيعي لأنهم أشاروا لي بالعبور.
حدثني جار لي انه كان عائد من السوق على دراجته النارية
بعد ان اشترى طعام لآسرته وكان غاضباً من ارتفاع الأسعار الجنوني، ليفاجىء بحاجز
أمني وسيارات اسعاف وفريق الفحص الذي اصبح مصدر رعب للكثيرين.
وجهوا مسدساتهم الحرارية لجبينه العالي ليكتشفوا ان
الرجل مرتفعة حرارته، وعلى الفور اقتادوه الى سيارة الإسعاف كمن عثر على فيروس
متحرك يمشي على الأرض ظناً منهم ان الرجل مصاب بالكورونا، ليتم اقتياده للحجر
الصحي لكنهم اخلوا سبيله بعد يومين حيث
تبين لهم ان الرجل مرتفعة حرارته نتيجة ارتفاع الأسعار وليس نتيجة فيروس الكورونا.
في سوريا منذ تسع سنوات لا يوجه للرأس سوى فوهات
المسدسات والبنادق والمدافع والطائرات بغازاتها السامة، هذه الغازات ربما تشبه
اعراض فيروس كورونا لكن مع فارق ان الشخص يموت بعد ربع او نصف ساعة من استنشاقه
الغاز.
ربما لا يخشى السوريين من فيروس كورنا بقدر خشيتهم من
فيروس الجوع والظلم والتهجير الممنهج، كيف تقنع من يواجه الموت منذ تسع سنوات ان
يحتاط من فيروس مميت لا يرى بالعين المجردة يتربص به.
المسألة هنا ليست يأس من واقع معين، بل هي اشبه ما تكون
شوكة صغيرة تغرز في جسد مخضب بدمائه نتيجة الطعنات.
مدن العالم الصاخبة تسيدها الصمت، تعطل كل شيء لا مدارس
لا مسارح لا سينما، لا ملاعب ولا صوت للجماهير ولا للمشاهير الا بتعليم البشرية
غسل اليدين والبقاء في المنازل،
تعليقات
إرسال تعليق